أرتدي القميص الأبيض الذي اشتريته برفقة جدي في اكتوبر الماضي ، ويحيط سوار هيلوكيتي معصمي، و هو نفس السوار الذي يحيط معصم صديقتي وابنة عمي عصماء ، وكنا قد ابتعنا السوارين من متجر في وسط البلد أثناء زيارتها للقاهرة في أغسطس الماضي . في أيام كهذه تشعرُ نفسي بالحاجة للحب ، ولربّما اتخذّ قلبي ارتداء ما يشعرني بوجود من أحب كبديل للعناق الذي أحتاجه وأفتقده . يوم الاثنين - أي قبل يومين - كان يوم شم النسيم و بدء احتفالات الناس بالربيع ، وأظنّ أن هذه مساحة مناسبة للاستغراب في عادة الشعب المصري الذي يستقبل الربيع بأكل الرنجة! أمّا عنّي فلم أستقبل الربيع بالرنجة ؛ بل استقبلته بتوصية من طبيب بالذهاب لمعالج نفسي والخضوع للعلاج السلوكي وهو شيء كنت أعرفه من قبل أن يقوله . " ماذا عن نقص فيتامين دال ؟" تسأل أمّي تحاول لفت انتباهه مجددًا لكميته الضئيلة جدًا في جسدي ، مشيرة لاحتمالية أنّ كل هذا قد يكون عرضًا جانبيًا لنقصانه ...فقط. وبالتفكير في الأمر ، تمنيت لو أنني استقبلت الربيع بالرنجة . لم أذهب للجامعة منذ الخميس الماضي ، وفضّلت رغمًا عني الحديث مع الوسوسات التي باتت جزءًا لا يتجزأ من ...
المشاركات
هل سيعيدني توتيل إليه؟
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
"انتي يا بنيتي لو قالوا ليك تسكني فوق في الجبل ولا تحت الشجر والغابة؟ " " فوق في الجبل " أرد عليها ، آملة أن يكون هذا هو الجواب الصحيح . " برّي منّك ، عشان كدا شكلو مااا عندك أخوان ، بتدوري الوحدة مالك ؟ " لم يكن جوابي صحيحاً اذن هذه المرّة ، في المرّة السابقة حرصتُ على أن تكون إجابتي " تحت الشجر " ...وكان ردّ حبوبة " بري منّك" . كنتُ طفلة صغيرة ، آبه لهذه النقاشات كثيراً ، كنتُ أتمنى أن تقول لي جدتي أنّ إجابتي صحيحة...وأنني لن أكون وحيدة. كنتُ صغيرة لكي أدرك أنّ جدتي كانت تستهويها ملامحي الغاضبة في كلّ مرّة ، لكنّها لم تعلم يوماً أنّها بثّت فيّ الخوف من الوحدة . الآن بعد أكثر من خمسة عشر عاماً ، أتمنى أن تعود طفولتي...وأسئلة حبّوبة لأخبرها أنّ " تحت الشجر و فوق الجبل كلهم واااحد ". أذكر أنني بعدها قررت الثبات على إجابة واحدة ، " فوق في الجبل يا حبّوبة " و لم أكن أحزن لردّها الدائِم " بري منّك " . وأظنّ أنني بدأتُ بحبّ توتيل بعد هذه النقاشات " الطفولية " . كان توتيل شامخًا دومًا ، أراه كل صباح ،...
القِطار رقم ٨٨
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
" كانت حذلقته تؤهله لاصطياد الذباب في الهواء " أذكر أنني ضحكت بخفّة حين قرأت وصف زافون لل دون جوستابو برسلوه في رائعته ظل الريح ، و لم أفكّر حينها أنّني سألتقي بأحدٍ له النصيب الكافي من الحذلقة التي تجعله يتفوّق على نظيره ، الدون جوستابو برسلوه ، وكان هذا الشرف من نصيب سعادة الأستاذ الدمنهوري . ركبتُ القطار لأولّ مرّة مع والدي وكان هذا حوالي العام ٢٠٠٥ م ، و تنتابني الدهشة - ومشاعر غزيرة - حين أدرك أنّ ثماني عشرة عامًا مرّت منذ تلك الذكرى ، وأستغرب أيمّا استغراب حين أشعر بِقصر الثماني عشرة عامًا ، وكأنّها رمشة عين ، و على النقيض أشعر بطولِ هذه الرحلة ، وكأنني حُبست بين جدران القِطار لثلاثين سنة لا ثلاثين دقيقة - وأعزّي هذا للسيّد القدير الدمنهوري -. ويبدو أنّ فضل الله محمد كان محقًّا حين كتب : الغريبة الساعة جمبك تبدو أقصر من دقيقة والدقيقة وانت مافي مُرّة ما بنقدر نطيقا و أحسب أنّني أعيش الشعور المناقض الآن ، الذي لم يتطرّق له فضل الله محمد ولم يتغنًّ به ود الأمين - ولم يتخذه الفيزيائيون السودانيون تفسيرًا لنسبية آينشتاين - . ...
لماذا فقدت الجوافة حلاوتها؟ من وحيّ الطفولة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
" قبيل لاقيتو ..راكب بسكليتو الشاب الظريف...القبل الشاطيء بيتو " لا أسمع أبو داؤود لأولّ مرّة ، لكنني أبكي لأولّ مرة حين سماع " العجب حبيبي " ، وفي هذه اللحظة تُخالجني مشاعر عميقة ، وحزن عنيف. لا أدري إن كانت هذه لعنة العشرينيات أم أنّه الوعي الذي يسبّونه ، و لا أهتم بتعريفه بقدر ما يهمني الألم الذي يصحبه ، حتى أنّ أستاذ " ممدوح" بات ينعتني ب شوبنهاور العصر ، و هذا يبدو مضحكًا بطريقة مؤلمة. تبدو الذكريات جليّة أمامي ، تجعلني أنسى واقعي ، وألتحم مع مشاعري وأفكاري من زمن سحيق ، أذكر شام بوضوح ، أذكر صوته وأحاديثه ، أذكر الصلصال الذي كان يلعب به معي ، أذكر قُبعته الجينز الفريدة ، و أذكر حضوره القوي . لا أعرف تاريخ اليوم - ولا أهتم - ، ولا أملك القدر الكافي من الأمل للتفكير في تاريخ الغد ، لكنني أملك الحسرة واللوعة الكافيتين للتفكير في يوم رحيل شام . و شام يعني الحُب بلهجة أهل الساحل والشرق ، وكان له نصيب من اسمه يجعلني أذكره حتى بعد مرور أكثر من خمسة عشر عا...